العرافة
الفصل الثالث
سألت المرأة بنبرة مشبعة بالريبة:"مين دي يا حبيبي؟"
تنهّد ريان بقلق، ودفع المرأة بخفة إلى الداخل:
"ادخلي إنتِ الأول... عايز أتكلم معاها شوية."
لكنها لم تبرح مكانها، وأصرت بنبرة حادة:
"قبل ما أدخل... قوليلي مين الست دي؟"
قالت قمر بهدوء مشوب بالتحدي:
"أنا حبيبته."
صرخت المرأة، وقد علت نبرتها بانفعال:
" ايه الكلام الفارغ ده! ده جوزى . حبيبته ايه ؟"
قاطعهم ريان بصوت عالٍ:
"كفاية! إنتوا الاتنين اسكتوا."
نظرت إليه قمر، وقالت بصوت مكسور:
"ريان... إنت اتجوزت؟! مش كنت قايللي إنك هتيجى تقدملى اخر السنه ؟"
أما المرأة الأخرى، فاشتعل غضبها وقالت:
"إيه اللي بيحصل هنا؟! مين دى وتقدملها ايه رد عليا
قطعتها قمر بانفجار غاضب:
"إنتي اللي سرقتي منى ! وعايزة الكل في البث المباشر يشوف حقيقتك!"
صرخت المرأة:
"إنتي بتسجّلي؟! والله لأخلص عليكي يا..."
وفي لحظة، سُمع صوت صفعة مدوية، تلاها ارتطام الهاتف بالأرض وانطفاء الشاشة.
استمر الصخب والشتائم، لكن "سيلا" لم تعد تصغي. فقدت اهتمامها كما لو كانت قد سمعت ما يكفي.
وفي تلك اللحظة، تخطى عدد مشاهدي البث المباشر 900.
سأل "ركان" من داخل غرفة البث بدهشة:
"هو كل اللي حصل ده حقيقي؟"
أجابت سيلا بثقة باردة:
"الرجالة اللي هتقابلهم البنت دي لحد ما تتم ٣٢ سنة... حظهم زي الزفت. لكن هتقابل حب حياتها في يوليو لما تكمل ٣٢. هي رومانسيه و غبية، بس حظها مش مأساوي. بعد عيد ميلادها، حياتها هتتقلب."
بدأ البعض يشككون في كلامها.
فتحت سيلا حساباتهم وقالت لأول واحدة:
"حتى لو حطّيتي فلتر تجميل عشر مرات، مش هتخبي التجاعيد اللي زي قشر البرتقال على وشك. وسجّلتك في السجن باينة، فابعدي عن العنف وكوني لطيفة مع جوزك وولادك."
صرخت الفتاة:
"إزاي عرفتي إن دخلت السجن؟!"
ثم توجهت لأخرى:
"إنتي، بلاش تروحي أماكن فيها مية الفترة دي... في خطر."
ردّت الفتاة مذعورة:
"يا نهار أبيض! أنا لسه شاريا تذكرة لحديقة مائية!"
وبينما راحت تنقر على أسماء المعلقين وتلقي نبوءاتها بلا تردد، قفز عدد المشاهدين من ثلاثة إلى أكثر من ٨٠٠٠.
ظل "ركان" يراقب، ثم كتب:
"لو بعتلك هدية دلوقتي، أقدر أحجزلي مكان؟"
أجابت سيلا:
"أنا بعمل بث مباشر أول كل شهر. الطالع بـ 500، والمكان حسب النصيب. أشوفكم الشهر الجاي."
ثم أغلقت البث بحزم.
وفي لحظة، طُرد ما يقرب من عشرة آلاف مشاهد من الغرفة.
جمعت سيلا أرباح الطالع، حولت نصفها لحسابها البنكي، وتبرعت بالنصف الآخر لمؤسسة خيرية.
في فترة ما بعد الظهر، وصل عثمان بسيارته الكبيره إلى مبنى البلدية في الموعد.
كانت سيلا قد سبقته. كانت تغطي ملامحها بالكامل: قبعة بيسبول، كمامة سوداء، وسترة طويلة.
لمّا لمحته ينزل من السيارة، رفعت أوراقها وقالت بلهجة مقتضبة:
"يلا نخلّص بسرعة."
كان واضحًا إنها مستعجلة على الطلاق أكتر منه.
وحرصًا على الخصوصية، أشار عثمان لحارسه أن يبتعد عنهم بمسافة.
دخلا القاعة واحدًا وراء الآخر، وبالرغم من وسامته التي كانت محط الأنظار، لم يحدث ضجيج يُذكر.
قالت سيلا وهي تمد أوراق الزواج:
"لو هنطلق، يبقى نخلّص بسرعة."
لم يرد عثمان، لكنه بدا منزعجًا بوضوح.
حين وصلوا لمكتب التسجيل وأعطوا الأوراق، دوّى فجأة صوت رعد مرعب هز المكان.
ارتعد قلباهما في اللحظة ذاتها.
الأوراق في يد سيلا شرقت بوميض خاطف، وارتفعت حرارتها حتى لسعت يدها.
صرخت وهي ترميها:
"إييييه ده!"
وفي اللحظة نفسها، قفز عثمان أيضًا.
احترقت الأوراق تلقائيًا، وتحولت إلى رماد.
تساءل عثمان:
"إيه اللي بيحصل؟!"
ردّت سيلا بدهشة:
"البرق ضرب الأوراق؟! لو ماكنتش شفت ده بعيني، ماكنتش هصدّق."
ولأن الأوراق احترقت، لم يتمكنا من إنهاء الطلاق.
قال عثمان بلهجة آمرة:
"أكيد في نسخة إلكترونية، شيّكوا على السيستم."
بدا الموظف مرتبكًا وهو يكتب بسرعة على الكمبيوتر.
سأل وهو ينظر إليهما:
"ممكن أعرف الأسماء الكاملة؟"
قالت سينثيا ببساطة:
"سيلا صالح."
ثم أشارت بكسل نحو عثمان:
"وهو... مش مهم اسمه، ممكن أسمي بس."
كشر عثمان بحدة، بينما بدا الموظف مذهولًا:
"إزاي واحدة مش فاكرة اسم جوزها؟!"
أظهر النظام أن زواجهما تم رسميًا في أغسطس الماضي، وتحت حماية القانون.
قال الموظف:
"لو عايزين تطلقوا من غير الأوراق، لازم تعيدوا إصدارها، وبعدها تطلبوا الطلاق."
ضحك عثمان بسخرية غاضبة:
"إحنا جايين نطلق، مش نتجوز من أول وجديد!"
مسح الموظف العرق عن جبينه وقال معتذرًا:
"أنا آسف، بس دي قوانين البلد."
قالت سيلا ببرود:
"طيب نعيد الإصدار إزاي؟"
ردّ عليه موظف آخر من الخارج:
"هتمشوا في إجراءات الزواج الأول..."
وبمجرد ما أنهى جملته... دوّى البرق مجددًا.
خفتت الأضواء الساطعة فجأة، كأن المكان اختنق بأنفاس غير مرئية.
صرخ موظف من أحد الزوايا:
"يا نهار أبيض! ده الكمبيوتر بتاعي بيطلع دخان!"
رد عليه صوت تاني بانفعال:
"وأنا كمان! الجهاز عندي اتحرق ولا إيه؟!"
ظهرت علامات التوتر على وجوه الموظفين، وخرج أحدهم ليقول باعتذار:
"زي ما شايفين كده، الشبكة الداخلية كلها وقعت فجأة. لو ناويين تكملوا إجراءات الطلاق، هتضطروا تيجوا في يوم تاني."
في اللحظة دي، فهم عثمان إن أي تأخير إضافي مالوش لازمة.
بص لسيلا وقال بهدوء:
"يلا بينا."
ماخدوش ورق الطلاق، ولا حتى ورق الجواز القديم. وخرجوا من مبنى البلدية، واحد ورا التاني، بصمت غريب.
سألت سيلا وهي ماشية جمبه:
"مفيش طريقة نسرّع بيها إجراءات الطلاق؟"
ماقدرش عثمان يرد عليها رد صريح. اكتفى بكلمة مقتضبة:
"هسأل المحامي الأول."
هزت راسها بهدوء:
"تمام... شكرًا."
وفي اللحظة دي، ظهر سليم قدامهم.
"عثمان باشا، خلصتوا؟ آنسة سيلا، تحبي أوصلك فين؟"
بصت سيلا بسرعة على عربية عثمان بطريقه غريبه وقالت وهي متهربة:
"بحس بدوخة لما بركبها، شكرًا."
وهي بتبعد، سليم قال بتفكير وهو بيبص وراها:
"حاسس إن آنسة سيلا عندها حساسية من العربية دي..."
بص لاعثمان باستغراب، وسأله:
"هو في إيه حصل؟ شكلك حضرتك متضايق."
حكى له عثمان عن اللي حصل جوه البلدية، خصوصًا الانفجار المفاجئ في الأجهزة.
سليم كان بيهز راسه، وبيقول:
"اللي حصل ده مش طبيعي، واضح إن في حد عامله عن قصد."
بصله عثمان بنظرة استفهام، فقال سليم:
"زمان، لما الباشا الكبير كان عايش، كان ليه علاقات واسعة مع ناس موهوبة ومريبة كمان. وبصراحة، مستغرب إنه ليه معروف لوالد سيلا بالتبني كده فجأة. وزواجك منها كمان... مش داخل دماغي."
رد عثمان بأمر واضح:
"ابدأ دور وابحث عن الموضوع ."
...
كان قصر عثمان في منطقة اسمها "بلو باي"، - منطقة فيلات فخمة جدًا. لا احد يستطيع الدخول بسهوله
الساعة كانت تمانية بالليل، سليم دخل المكتب علشان يقدم تقريره.
لكن التقارير كانت معلومات قليله.
قال سليم:
"كل اللي قدرنا نعرفه إن علاقتها بعايلة التهامى معروفة للناس، بس التفاصيل التانية ضايعة. حتى المحقق الخاص احتار."
تنهد، وكمل:
"اللي ممكن نعتبره معلومة مهمة، إن عايلة التهامى بقت قوية في ازمير بفضل وصفات اكل ابتكرتها أمها . يعني، لو سيلا طالبت بنص أصول العايلة، يبقى معاها حق."
كان عثمان لابس بدلة بيضا نقية، وملفوف حوالين معصمه ثعبان صغير، لونه اسود دامي... لافت للنظر.
سأل عثمان:
"أخبار والدها بالتبني؟"
سليم كان بيحاول ميخليش عينه تقع على الثعبان، اللي كان بيخرج لسانه ببطء.
قال:
"هو جنوبى من دير بكر، وكان يعرف مريم شوية. عمره ما اتجوز، ومعندوش أولاد. وبصراحة، مفيش أي خلفية عنه. اسمه نفسه مش معروف."
رفع عثمان حاجبه، وسأله ببرود:
"ده كل اللي لقيته؟"
سليم بان عليه الحرج:
"للأسف... أيوه، ده كل اللي عندنا لحد دلوقتي."
افتكر فجأة وقال:
"بالمناسبة... امبارح بالليل، الشرطة اعتقلت مجموعة من الدكاترة من المستشفى الخاصه اللى جاد بتعالج فيها، بعد ما اتوجهت ليهم تهم بالاتجار بالأعضاء."
شد عثمان جسمه، وقال بإشارة لسليم:
"كمل."
سليم قال:
"اللي بلّغ قدّم أدلة كتير ومقنعة. الشرطة قبضت على الأطباء، والمستشفى ممكن يتقفل قريب."
غمغم عثمان، وهو بيفكر:
"هل لسيلا علاقة بالموضوع؟"
رد سليم بعد لحظة:
"في حاجة كمان."
طلع فيديو من موبايله ووراه لاعثمان.
قال:
"الفيديو ده اتصور في le mirage امبارح."
كان فيه ست بشعر طويل، لابسة قناع، بتعمل وخز بالإبر على صدر راجل مغمى عليه.
ماكملتش اللقطة غير 10 ثواني، بس كان واضح إن اللي عملته أنقذ حياة الراجل.
سليم قال:
"الناس كلها بتدوّر على الست دي. الراجل اللي أنقذته ده ابن عيلة الجارحى، وعنده مرض خطير في القلب.
الأطباء قالوا إن السبب الوحيد إنه لسه عايش هو الإبر اللي اتحطت في الأماكن الصح في جسمه."
بص بحماس لاعثمان وسأله:
"مش شايف إن الست دي شبه آنسة سيلا؟"
عثمان كتم اندهاشه، وسأله:
"تقصد إيه؟"
سليم قال:
"عثمان باشا، مش كان سبب تعين جنى إننا نستخدم مهاراتها في القرصنة علشان نلاقي الدكتور جوست ؟ الراجل اللي يقدر يعالج نرمين هانم ؟"
هز رأسه وهو بيكمل:
"لو كانت سيلا خبيرة، يبقى ممكن تكون تعرف الدكتور جوست، وساعتها نقدر نوصل ليه من خلالها."
قبل ما عثمان يرد، سمع صوت خادمة من برا الباب:
"عثمان باشا، الآنسة جنى التهامى وصلت."
...
دي كانت أول مرة تزور فيها جنى قصر آل زهران.
المكان فخم لأقصى درجة. حتى عايلة التهامى نفسها، بمكانتها، ماكانتش تقدر تسكن هنا.
جنى كانت قاعدة في غرفة الضيوف، حاسة بعدم ارتياح شديد.
اللي حصل امبارح كان كتير جدًا.
أخوها ضيّع فرصة زراعة كلية، ودخل العناية المركزة.
والشرطة خدت دكاترة المستشفى للتحقيق.
أهلها بدأوا يشكوا، وطلبوا منها تروح تسأل عثمان بنفسها على سيلا.
بعد حوالي عشرين دقيقة، دخل عثمان وسليم واحد ورا التاني.
قامت جنى بسرعة:
"مساء الخير، عثمان باشا."
بصت لسليم وابتسمت:
"مساء الخير، سليم."
سليم ابتسم ابتسامة خفيفة، وقال:
"عن إذنك يا سيد عثمان، همشي دلوقتي."
بمجرد ما مشي سليم، عثمان بص لجنى وسأل:
"في إيه؟"
كانت هتبدأ كلامها، لكن في اللحظة دي، ظهرت أفعى ضخمة لونها اسود دامي، طولها مترين، بتنزلق على الأرض.
فتحت بُقها الكبير، وطلعت لسانها، جنى صرخت من الرعب.
صاح عثمان:
"سايفان، تعالى هنا!"
بسرعة، رجعت الأفعى ولفّت نفسها حوالين معصم عثمان.
المنظر كله كان غريب... راجل وسيم، قاعد على الأريكة، وفيه أفعى متلونة ملفوفة حوالين إيده.
ده لوحده كان كفاية يخلي قلب جنى يدق بعنف.
في الآخر، بص عثمان للثعبان ولمسه بهدوء:
"سايفان عمره ما بيأذي حد من غير سبب. اقعدي."
جلست جنى قدامه بحذر، وقالت:
"كان فيه خلل في سيستم الأمان بتاع الفندق، بس اتصلح بسرعة. بس اللي عمل كده سيلا.
أنا شفتها بعيني، وكنت شاهدة على كل حاجة.
هي رجعت فجأة علشان تتخانق على أصول العايلة، وهاجمتني أنا وأمي... كل ده من الغيرة."
لكنها ما كانتش تعرف إن اسم سيلا لما بيظهر في دماغ عثمان، بيحرك حاجة غريبة جواه.
ولما افتكرها، كان بصعوبة بيخبي ضحكة خرجت على طرف شفايفه.
جنى شافت ابتسامته، وسألته باستغراب:
" عثمان باشا، أنا قلت حاجة تضحكك؟"
تلاشت ابتسامة عثمان تدريجيًا، وبدا على وجهه أثر التردد.
قال ببرود:
«مش هتدخل في شؤون عايلتك، بس أول ما تلاقوا الدكتور جوست ، هديك اللي إنت عايزه.»
أومأت جنى سريعًا، وكأنها تحاول طمأنته قبل أن يفلت الموقف من يديها:
«هستخدم كل الوسايل اللي أقدر بيها أساعدك... أوعدك.»
غادرت جنى بعد أن اصطحبها الخدم خارج القصر، ثم فجأة، وفي منتصف الطريق، انتبهت لشيء خطير نسيته كليًّا.
سيلا...!
نست تسأله هى لسه محتجزه.
وفي تلك الليلة، اخترق البرق سماء "ازمير"، حيث شقت صواعق أرجوانية عجيبة طريقها بين الغيوم، كأن السماء تُفصح عن شيءٍ خفي.
الناس جميعًا كانوا نيامًا، غافلين تمامًا عن الظاهرة الخارقة التي غطت السماء.
أما عثمان وسيلا، فكانا نائمين في منزليهما، منفصلَين، كلٌّ في عالمه.
لكن مع أول ومضة برق...
اجتاحت جسديهما صدمة كهربائية مفاجئة، جعلتهما ينتفضان في نومهما دون أن يدركا ما يحدث.
في صباح اليوم التالي، استيقظ عثمان وهو يشعر بوخز خفيف وخدر في ذراعه. فتح عينيه ببطء، لكنه ما لبث أن جمد مكانه وقد ارتسمت على ملامحه علامات الذهول.
سيلا...؟!
كانت نائمة على صدره، رأسها مستريح على قلبه، وذراعه تحت جسدها الناعم.
ارتدت فستانًا حريريًا أسود قصيرًا، كأنما جُعل ليزيد من غموض الموقف. لم يكن يصل حتى إلى منتصف فخذيها، وساقاها الطويلتان ممددتان أمامه بلا تحفظ.
قال في نفسه، وهو يرمش عدة مرات:
أكيد بحلم. مستحيل ده يكون حقيقي.
لكنه كلما فتح عينيه مجددًا، وجدها كما هي.
نظر حوله باستغراب، فلم يكن هذا سريره، ولا كانت هذه غرفة نومه في فيلا "بلو باي".
فين أنا؟ وإزاي...!؟
لم يمهله الزمن طويلًا. تحركت سيلا في نومها، وفتحت عينيها ببطء، وما إن التقت بنظرته حتى تبدلت ملامحها في لحظة.
في لمح البصر، انقلبت على جسده، ركبتها تضغط على أسفل بطنه، وأصابعها تلتف حول عنقه بخنقٍ محكم.
اكلمت سيلا "انت بتعمل ايه فى بيتى "
صرخ عثمان، مختنقًا:
«إنتِ... افلتي ايدك الأول!»
وببطء، خففت قبضتها، سمحت له بالتحرك، فجلس وهو يلهث.
قال وهو يتأمل المكان حوله:
«ده بيتك؟»
ردت بجفاء:
«أكيد. هو إنت مش جيت هنا قبل كده؟»
«جيت، بس كنت واقف على الباب خمس دقايق بس...»
عثمان كان يتذكر أنه في آخر مرة زارها فيها، اكتشف فجأة أنه متزوج منها رسميًا.
لم يكن يعرف عنها شيئًا، وأراد فقط إنهاء كل شيء بسرعة. ألقى بأوراق الزواج يومها على الطاولة، واقترح الطلاق.
لكن الآن؟
ها هو يصحو ليجد نفسه نائمًا بجوارها، دون أدنى تفسير.
قال بنبرة هادئة لكنها قلقة:
«كنت نايم في بيتي... وفجأة لقيت نفسي هنا.»
لم تجب سيلا، بل مدت يدها نحو الهاتف بجانب السرير، وبدأت في تصفح لقطات الكاميرات.
ظهرت صورة لها وهي تدخل غرفتها وتنام عند الواحدة تمامًا، لكن عند الدقيقة الخامسة، انقطعت الصورة فجأة بسبب تشويش غريب، ثم عادت بعد ثلاث ثوانٍ فقط، وكان عثمان... هناك.
قال عثمان بدهشة:
«إيه ده؟ ده كأننا في فيلم خيال علمي... خلل في الزمان والمكان؟»
سألته سيلا:
«حصل لك حاجة غريبة قبل ما تنام؟»
فكر للحظة ثم قال:
«اتعرضت لصدمة كهربا... حسيت بيها وأنا نايم.»
أومأت رأسها، كأنها تتذكر نفس الشعور.
نظر كلاهما إلى الآخر، ثم جلسا بصمت، عاجزين عن الفهم.
كان عثمان يرتدي بيجامة خفيفة، ولم يكن معه أي وسيلة للاتصال. طلب هاتفها ليتصل بـ "سليم".
وبعد ساعة تقريبًا، وصل سليم إلى منزل سيلا وهو يحمل حقيبة فيها ملابس كاملة لاعثمان.
وجده جالسًا في غرفة المعيشة، كأن البيت بيته.
قال بتردد:
«عثمان باشا حضرتك بتعمل .....»
لكن نظرة واحدة كانت كافية لتزرع ألف سؤال في رأسه. ألم يكونا في المحكمة بالأمس يطالبان بالطلاق؟
أخذ عثمان الحقيبة ودخل الحمام دون تعليق، فالتفت سليم إلى سيلا بعينين مشككتين.
قالت له باقتضاب:
«اسأله هو.»
غادر الثلاثة معًا بعد قليل، وأثناء خروجهم، همس عثمان لها:
«محدش يعرف باللي حصل، فاهمة؟»
قالت وهي تضع قناعًا على وجهها:
«لو انت عارف تسكت، أنا أضمنلك إن مفيش حد هيعرف حاجة.»
ظل سليم صامتًا، غير قادر على فهم أي شيء، ومع ذلك لم يجرؤ على طرح الأسئلة.
وقبل أن يركب عثمان سيارته الفاخرة، نظرت إليه سيلا وقالت:
«أنا بحس بدوخة لما أركب عربيات فخمة.»
ثم وقفت سيارة أجرة فجأة، فركبتها دون أن تنتظر أحدًا.
ظل سليم يحدّق فيها وهي تبتعد، ثم قال ساخرًا:
«يعني هي عندها دوخة حركة من العربيه الفخمه بس؟!»
✨✨✨✨✨✨✨✨
هالووو حبايبى اتمنى ان الروايه تعجبكم
❤️وكتابه ارائكم وتوقعاتكم 🥰 🥰
x

تعليقات
إرسال تعليق