العرافة
الفصل التاسع
توضيح
(واجه نائل عقبة غير متوقعة. إلا أنه، وعلى غير عادته الهادئة، بادر بالاتصال مباشرة بالمسؤول في شبكة كي-نت، مصحوبًا بروح مرحة وكأن ما حدث لا يستحق القلق.
وما لبثت المشكلة أن حُلّت بكفاءة، فكان امتنان نائل بالغًا، وأثنى بشدة على قوة شبكة كي-نت.
لم يكن الإمبراطور ك شخصًا تقليديًا... بل اتّبع دومًا قاعدة غير مكتوبة: "اخد الفلوس، أعمل الشغل، واسيبك في حالك."
وبعد تأسيس كي-نت، توافد عليه العملاء كما لو كانوا يبحثون عن مخلّصٍ تقني، بينما هو يظلّ في الظل... لا يظهر وجهه إلا لقلة معدودة.
وكان نائل أحد هؤلاء القلّة.)
، لاحظ نائل ملامح الحيرة والانكسار على وجه عثمان.
فمال عليه قائلًا بابتسامة خفيفة:
ــ "إنت بتدور على الإمبراطور ك؟ لو محتاج توصله، أنا ممكن أبلّغه."
نظر عثمان نحوه مباشرة، ولم يُخفِ غايته:
ــ "بيقولوا إنه يقدر يلقى اى حد... وأنا عايز ألاقي شخص عن طريقه."
رفع نائل حاجبه باهتمام، وسأله بنبرة مشوبة بالدهشة:
ــ "مين الشخص اللي يخلّيك عايزه كده ؟"
همس عثمان:
ــ "إبر الدكتور جوست التلاتاشر!"
وفور سماعه هذا الاسم، التفت نائل بعينيه نحو سيلا.
كانت جالسة على مقربة، تتعامل مع عنقود عنب كأنها لا تسمع شيئًا، تقشر كل حبّة بصبرٍ غريب.
راقب عثمان تعبير وجه نائل، ولمس فيه شيئًا مريبًا... قلق، أو لعله إدراك لشيء أكبر.
قال بصوت أكثر حذرًا:
ــ "لو ساعدتني ألاقي الدكتور جوست، أنا ممكن أدّيك ضعف المبلغ اللي طلبه الامبراطور K."
ابتسم نائل، وهو يلوّح بيده:
ــ "سيد عثمان، أولًا... مستحيل أسرق عميل من الإمبراطور ك، وثانيًا... معرفش مكان جوست."
في الحقيقة، حتى لو كان يعلم، فلن يبوح دون إذن.
مدّ يده نحو الزجاجة، وصبّ كأسًا لاعثمان ثم قال بهدوء:
ــ "أنا آسف إني مقدرتش أساعدك... اعتبر الكاس ده بدل اعتذار."
ورفع الكأس وارتشف منه أولًا باحترام، ثم وضعه جانبًا، وقال بنبرة أكثر وضوحًا:
ــ "بس يا ترى، غير سؤالك عن الإمبراطور ك، كنت عازمني النهاردة ليه؟"
في هذه الزاوية المنعزلة، لم يكن أحد يسترق السمع، فتابع نائل بلا مواربة:
ــ "عايزني أساعدك تفك الرابطة؟"
تجمّدت عينا عثمان للحظة. لم يتوقّع أن يكون نائل بهذه الحِدّة في التكهّن.
وبالفعل، كانت تلك نيّته... أن يستعين بنائل في كسر الرباط الغامض بينه وبين سيلا.
ــ "بالضبط... أنا عازمك عشان الموضوع ده."
ابتسم نائل، ولكن ابتسامته كانت غامضة... لا توحي بالموافقة ولا الرفض:
ــ "هقولك حاجة... لو مفيش بينكم صلة في حياة فاتت، مكنتوش اتقابلتوا في دي. ولو اتقابلتوا، يبقى في حاجة لسه ما خلصتش."
كانت كلماته مُلتبسة، ولكن وقعها كان واضحًا.
تبادل عثمان وسيلا نظرة صامتة. لم يقولوا شيئًا، لكن شيئًا تغيّر في الهواء من حولهم.
في مكانٍ آخر، كانت جنى تلعب السهام مع هاندا، لكن عقلها كان في مكانٍ آخر تمامًا.
سألت هاندا بهمس:
ــ "هي سيلا دي مش كانت اتحبست عشان كسرت فندق عثمان؟"
أومأت جنى، وقالت بصوت خافت:
ــ "أيوه... بس شكل أبويا اتوسّط عنده عشان يطلّعها."
رغم إجابته الغامضة وقتها، كانت جنى واثقة إن والدها ممكن يركع لأي حد لو ده هيطمنه على ابنه في المستشفى.
ومن هنا، بدأ يتشكّل في قلبها سوء فهم.
استغلت هاندا الفرصة وأشعلت النيران أكثر:
ــ "طب وانتي ساكتة ليه؟ ليه متستغليش علاقتك بعثمان وتخلّصي على سيلا؟"
اتسع حاجبا جنى، ثم قالت بيأس:
ــ "بس... نائل واقف معاها. شايفة احترام عثمان ليه؟ أنا مقدرش أزعله."
لوّت هاندا شفايفها بسخرية:
ــ "جميلة وشيك... تفتكري نائل واقف معاها ليه؟ دي بتلعبها صح!"
ثم نظرت لجنى نظرة ثاقبة:
ــ "خلي بالك... ماتسيبهاش تاخد عثمان منك."
قبضت جنى على السهم بقوة، وعينيها امتلأت بالنار.
وكانت كلمات هاندا كأنها رصاصات في صدرها:
ــ "تفتكري راجل زي عثمان، بطريقته ودهاؤه، هيسيب واحدة زي سيلا تتصرف براحتها؟"
ــ "كل الرجالة لما بيشوفوا جمال مبهر... بينسوا اللي كانوا بيقولوه."
هنا، انفتحت عين جنى على احتمال جديد:
ــ "طب هو ليه طلعها فعلًا؟ ليه سابها تمشي؟"
نظرت تجاههم. كانت تراقب ما بين عثمان وسيلا.
وشافت... لغة عيون. تواصل صامت... أعمق من إنه يكون صدفة.
وفي لحظة طيش... ومع قلبها اللي انفجر من الغيرة، رمت السهم ناحية رأس سيلا.
لم يكن قاتلًا... لكنه كفيل بإحداث ضرر.
حتى هاندا نفسها اتفاجئت من اندفاعتها... لكنها، داخليًا، شعرت بلذّة.
كان الجميع على وشك الصدمة... السهم في طريقه إلى سيلا، ولا مجال للهروب.
لكن...
وبحركة خاطفة، ومن غير ما تبص، رفعت سيلا القلم اللي في إيدها... وصدمت السهم بدقة.
ارتد السهم، خدش خد جنى، واستقر في مركز الهدف بدقّة.
ساد صمت غريب في القاعة.
لو ما شافوش ده بعينهم، ماحدّش كان هيصدّق.
اتكلم اركان أخيرًا، وهو مش قادر يصدق:
ــ "هو حد فاهم اللي حصل؟"
صرخت هاندا:
ــ "جنى! خدك اتعور!"
بالفعل، خدها اتخدش... وشعرها اتبعثر.
صرخت جنى وهي مش مصدّقة:
ــ "إنتي عملتي كده قصدي؟!"
لفّت سيلا القلم في إيدها بنعومة، وقالت بنبرة باردة:
ــ "هاه؟ بتقولي حاجة؟"
وقفت هاندا غاضبًا لأجل جنى، قائلاً:
"الناس كلها شافت اللي حصل! اللي عملتيه ده شوّه وش جنى!"
ضحك نائل باستخفاف وهو يقول:
"بجد شايفين اتهاماتكم دي منطقية؟ انتوا بتهزّروا!"
ثم أشار إلى الاتجاه الآخر:
"إحنا قاعدين هنا، والهدف هناك... إشرحيلي، ليه السهم طار فجأة كده؟ فين المنطق؟ إزاي؟"
هل كان يظن أن الموجودين جميعهم حمقى؟
في هذه اللحظة، شعر اركان أن نايل قد يكون معه حق.
قال مترددًا:
"آنسة جنى... إنتِ ما عملتيش كده عن قصد، صح؟"
ردّت جنى وهي بتبكي وبتخبّي وشّها:
"أنا اللي اتصابت! إزاي بقيت أنا الغلطانة؟"
نظر عمر ناحية هاندا، وسألها:
"إيه اللي حصل فعلاً دلوقتي؟"
تظاهرت هاندا بالجهل وقالت:
"يمكن إيدها زحلقت. أكيد كان حادث مش أكتر."
ابتسم نائل بخبث وهو يوجه سؤاله لـ عثمان:
"سيد عثمان... رأيك إيه؟"
لكن الحماية اللي كان بيقدمها نائل لـ سيلا أزعجت عثمان.
قال عثمان، وهو بيرمي كاسه على الطاولة ببطء:
"نوع العلاقة اللي بينك وبين الأنسة سيلا، ممكن يأثر على وجهة نظري... في الآخر، إحنا الرجالة مش المفروض نتدخل في خناقات البنات."
كان التلميح واضحًا.
إذا استمر نائل في الدفاع عن سيلا، فهيبقى واضح إنه بيكنّ ليها مشاعر من نوع خاص.
فردّ وهو بيحط إيده على كتف سيلا:
"سيلا دي صاحبة غالية عليا جدًا... تعرف هي قد إيه مهمة بالنسبة لي؟"
وبعد وقفة قصيرة، أكمل:
"مهمة لدرجة إني ممكن أضحّي بحياتي عشانها."
سيلا بصّت له بدهشة، ماقدرتش ترد.
كانت قدرته على إشعال التوترات متقنة جدًا.
ويُقال إن "الرجال لا يفهمهم إلا الرجال"، وكان عثمان أول مَن شعر بنار الغيرة.
قال له ببرود:
"يا ترى العلاقة دي تستاهل إنى أساندها بالشكل ده، يا سيد عثمان؟"
كان وش عثمان ثابت، لا بيضحك ولا زعلان، لكن جواه كان بيغلي.
وفي وسط الجو المشحون، بدأت جنى تحس إن الوضع بقى خطر... دموعها نزلت غصب عنها.
قالت بتوسل:
"عثمان باشا... صدقني، أنا ما كانش قصدي، والله!"
وتدخلت هاندا كمان، بتحاول تخفف:
"سوء تفاهم يا جماعة. البنت اتصابت، هو في إيه تاني مطلوب منها؟"
لكن، بالرغم من لهجتها المتعاطفة، هاندا ما كانتش صادقة.
هي مش بتدافع عن جنى، بل كانت بتستغل اللحظة علشان تحرج سيلا.
وبين التوتر، التفتت هاندا إلى عمر:
"قول حاجة، ساعدني."
ابتسم عمر ابتسامة باردة، وقال بهدوء:
"طالما إنه سوء تفاهم، يبقى نهدّى كلنا شوية.
ولو السيد يلدريم لسه زعلان، فأنا ممكن أعتذر بدل البنات للآنسة سيلا."
ماكانش بيتصرف بدبلوماسية علشان هو مسالم، لا...
هو ببساطة شايف إن نائل وسيلا مش ناس مهمة بالنسبة له.
في ازمير، العلاقات الاجتماعية فيها طبقية.
وكان ضغط نائل المتكرر بمثابة تحدٍ واضح لمكانتهم.
سادت حالة من التوتر الصامت...
لكن سيلا ضحكت بهدوء، وهي بتلعب بقلم في إيدها:
"نائل... كفاية كده."
هي ما كانتش طيبة القلب، بس خبث جنى الطفولي خلى شكلها مضحك قدام الكل.
أما موضوع السهم، فده له وقته، والانتقام مش هيفوتها.
موقف سيلا البارد كان له أثر إيجابي عند اركان، منظم الحفلة.
من ناحية فيه أعز أصدقاؤه، ومن ناحية تانية، نجم ساطع في عالم السحر.
ولو الأمور انفجرت، كلهم هيتأذوا.
اللوم كله كان على جنى.
كانت مزعجة، لا موهبتها مبهرة ولا نواياها نظيفة.
ولو ماكنش عثمان موجود، كان زمانه طردها من بدري.
علشان يفك التوتر، قال مبتسمًا:
"بما إننا وصلنا لتفاهم، نعتبر الموضوع خلص. ويلا نلعب لعبة بالمرة!"
اللعبة اللي اقترحها كانت اسمها "الصندوق الأعمى".
هي صناديق مجهزة، مليانة هدايا وملاحظات مكتوبة مسبقًا.
وبما إنه مبتكر اللعبة، قال اركان:
"أنا اللي هفتح أول صندوق."
جمعوا كل الصناديق في صندوق كبير، وفضل يدوّر لحد ما اختار واحد.
ولما فتحه، لقى كومة من الفلوس جواه.
عدّها وقال بفخر:
"شوفتوا الحظ؟ عشرة آلاف دولار بالتمام!"
بالنسبة لناس عاديين، المبلغ ده يكفيهم شهرين.
بس بالنسبة له، المبلغ ده ما يكفيش حتى وجبة غداء.
ومع كده، فرح بيه جدًا.
لكن نائل شد ورقة من تحت الصندوق، وقرأها بصوت عالي وهو بيضحك:
"سيد تاش، كسبت عشرة آلاف دولار... بس لازم تنحني قدّام كل راجل في القاعة!"
الكل انفجر من الضحك.
لعن اركان وهو بيهز الفلوس في وشهم:
"مين ابن الكلب اللي كتب الورقة؟!"
قال له عمر ساخراً:
"يلا يا اركان!"
ردّ بعصبية:
"روح في داهية!"
ضحك عمر وقال:
"ماهي لعبتك! ما ينفعش تبقى بتوزع تحديات وتزعل لما الدور ييجي عليك."
تحت ضغط الجو، اضطر اركان إنه يعمل التحدي، بانحناءة متكلفة للجميع.
رغم شكله الجاد، هو في الحقيقة كان واخد الموضوع بروح خفيفة.
كلهم كانوا أصدقاء مقربين، والضحك ما كانش بسخرية.
ومع وجود اركان على رأسهم، الكل بدأ يتحمس للعبة.
الضيوف في حفلات "La Nuit Rouge" كانوا دايمًا ناس فخمة...
والهدايا كانت تليق بمستواهم، بس الملاحظات تحت الهدايا كانت دايمًا مليانة سخرية.
مش سخرية جارحة... بس محرجة.
صندوق عمر احتوى على ماسة حمراء، وتحديه كان شرب زجاجة نبيذ كاملة.
صندوق هاندا كان فيه شوية فلوس، والتحدي بتاعها كان تقلد نباح كلب ٣ مرات.
ورغم الإحراج، عملت التحدي.
أما جنى، فصندوقها كان فيه سوار، سعره ما يقلش عن ٢٠ أو ٣٠ ألف دولار.
السوار كان شيك جدًا، وعجبها، بس الورقة اللي تحته خلّت وشها يصفرّ.
هاندا، وهي لسه بتقلد نباح كلب، شالت الورقة وقرتها بصوت عالي:
"في حياتك السابقة، الشخص اللي قاعد قدامك كان سيدك، وإنت كنت خادمه. الخادم لازم يركع للسيّد ويقول: 'يا جلالتك'."
سكتت القاعة كلها...
جنى، اللي كان خدّها لسه متضمّد، وشّها اتقلب.
لأن اللي قاعدة قدامها بالضبط... هي سيلا.
ضحكت هاندا وقالت بسخرية:
"ياساتر! مين اللي كتب الرساله دي؟ دي قلة أدب مش هزار."
كان التحدي ده أسوأ بكتير من نباح الكلاب.
بصّ نائل لـ سيلا، اللي كانت قاعدة بهدوء... مستنية جنى تركع.
هو الوحيد اللي كان متأكد إن دي لعبتها.
مافيش شك إن سيلا رتّبت الرسالة بنفسها... من ورا الكواليس.
كان عارف ده كويس... سيلا، بطبعها الحاد والمُسيطر، إزّاي تسيب جنى اللي كانت بتدبّر ضدها تفلت كده ببساطة؟!
يعني كانت مستنياها... كانت عارفة إنها هتقع، وسايباها تغزل شِركها بإيديها.
مش غريبة إن السيد "صالح" قال عنها إنها أشطر واحدة في اللعب من تحت لتحت.
وبعد ما اركان أخد عقوبته، قال ببرود:
– "أُعلن إن كل المشاركين لازم يلتزموا بقوانين اللعبة."
وعثمان، بصفته صاحب الحفله ما سألش عن اللي جوه الصناديق ، لكنه كان عارف أن الموضع هزار ثقيل فقط .
بص لسيلا بتفكير... وسيلا، كالعادة، كانت بتلعب بقلمها كأنها بتستعد تلعب نقلة شطرنج.
شدّت جنى كمّه وقالت بصوت متحدي:
– "عثمان باشا، حضرتك شايف إني لازم أركع وأسلّم لها؟"
الناس كانت بتوشوش... فيه شائعات إن جنى ستكون زوجه عثمان فى المستقبل . يعني، معقول يرضى يشوفها بتنحني قدام سيلا كده قدام الكل؟
بص لها عثمان وقال:
– "اركان انحنى للجميع، وعمر شرب زجاجة نبيذ، والآنسة هاندا نبحت قدام الناس زي الكلاب... إنتِ شايفة نفسك أعلى من دول؟"
كانت الرسالة واضحة... مفيش استثناءات.
ركعت جنى، وسط دهشة الكل، وانحنت لسيلا.
ووقتها، كانت سيلا واقفة بثبات مرعب. كأن جنى بقت خدامة تحت قدمين الملكة.
حتى اركان نفسه ما قدرش يمنع نفسه من التفكير، "مع الهالة اللي طالعة منها دي، بجد هي بنت ريف؟"
ونائل، كالعادة، زاد النار حطب:
– "آنسة جنى، متنسيش تقولي (جلالتك) كمان."
جنى كانت بتغلي من جواها، وقلبها بيتقطّع من الذل... ومع كده، عضّت على أسنانها وقالت بصوت مكتوم:
– "جلالتك..."
ضحكت سيلا بخفة، ورفعت رجلها، وبدُلت ذقن كيرا بصباع رجلها وقالت:
– "الخدامة اللي تكلّم سيدتها بالطريقة دي لازم تتجلد ثلاثين جلدة."
جنى، وهي على ركبها، ما شعرتش بالهوان ده طول عمرها... نظرت لعثمان، والرجاء واضح في عينيها.
لكنه كان قاعد، قاطع رجل على رجل، كأن ما فيش حاجة بتحصل.
ونائل؟ وشه كان مليان سخرية كأن قدامه فيلم مسلّي.
واركان كان بيشرب النبيذ، وعينه ما سابتش سيلا... كان باين عليه مأخوذ بيها.
الهالة اللي طاغية، الجنون اللي في عيونها... كانت بتشد انتباهه بشكل غريب.
جنى حاولت تقوم من الإهانة، لكن قبل ما تتحرك، سيلا دفعتها لتحت تاني، وضغطت على كتفها وقالت:
– "آنسة جنى، الرسالة كانت واضحة... تصرفي بتواضع واحترام."
جنى قالت من بين أسنانها:
– "إنتِ عايزة إيه بالضبط؟"
ردّت سيلا وهي دايسة على كتفها:
– "الخدامة اللي تهين سيدتها؟ مش خدامة كويسه."
هاندا وقتها فقدت أعصابها:
– "سيلا، ده إهانة صريحة... مش كتير كده؟"
بصتلها سيلا بهدوء وقالت:
– "دي مجرد لعبة، إنتِ زعلانة ليه؟"
هاندا ما عرفتش ترد، واتلخبطت.
بصّت حوالينها، كانت عايزة عمر يدافع عنها، لكن لقيته سكران ومش في وعيه.
وعثمان؟ حسّ بشوية تعاطف وهو شايف كرامة جنى بتتسحق، فقال بهدوء:
– "بما إنها لعبة، يا آنسة سيلا، يبقى خليكِ عاقلة واعرفي إمتى توقفي."
سيلا رمشت، وظهر لمعة إدراك في عنيها، وقالت:
– "لو بتهتم بيها أوي كدا سيد عثمان، قول صراحة... وأنا أفكر أسيبها علشانك."
كلامها صدمه...
وبعدين مالت على جنى، مسكت ياقة فستانها، وهمست لها بكلام مسموع ليهم هما الاتنين:
– "المرة الجاية لما تحاولي تطعنيني في ضهري، فكّري في العواقب. الناس اللي تعرفني... عارفة إني عصبية جدًا."
ده كان أسوأ يوم في حياة جنى... مش بس اتبهذلت قدام سيلا، لا، دي بقت أضحوكة قدام الكل.
دفعت الصندوق باتجاه سينثيا بغلّ:
– "دورك."
كانت عايزة تنتقم... تشوف سيلا هي كمان بتتهان.
لكن سيلا، ولا فارق معاها، خدت الصندوق، فتحته، وطلعت عقد لؤلؤ، وتحته ورقة صغيرة.
قبل ما تلحق تقراها، ع خطفها منها وقرا بصوت عالي:
– "اقطف حبة عنب من غير استخدام أي قوة خارجية. واتعاون مع الشخص التالت على يمينك علشان تقشروها بفمك، وبعدين كلوها."
الجو كله اتقلب.
الشخص التالت على يمينها؟ كان عثمان!
سيلا شكّت إن ده فخ من نائل، بس ما قالتش حاجة.
اركان انفجر من الضحك:
– "اللعبة دي بتسخن أكتر وأكتر."
هاندا قالت بتحدي:
– "آنسة سيلا، هتلعبي؟ ولا جبانة؟"
ردت سيلا بهدوء وهي بتوقف تدوير القلم:
– "لو الشخص التالت على يميني موافق، أنا ماعنديش مانع."
بصلها عثمان بقوة وقال:
– "طالما إنتِ عندك الجرأة، أنا كمان عندي."
نائل سلّم سيلا حبة عنب وقال:
– "ابدئي."
مشت سيلا لعثمان، حطت العنب بين شفايفهم قدام الكل.
من برّه، باين كأنهم بيتبادلوا قُبلة...
جنى كانت بتغلي... ليه؟ ليه الصندوق ده ما طلعش ليها؟
علشان العنب ما يقعش، كان لازم يضغطوا شفايفهم على بعض... المشهد كان حميمي جدًا.
عثمان نفسه ما توقعش إن سيلا هتكون بالجرأة دي... العنب كان طري، بس ملمس شفايفها كان أطرى... والبرد اللي في التلامس ده، كان مسكّر بطريقة غريبة.
فجأة، النور قطع.
صرخ حد:
– "إيه ده؟ الكهرباء قطعت؟!"
سيلا كانت هتبعد، لكن فجأة اتشدت لعناق قوي...
العنب وقع، وبقت شفايفها على شفايف عثمان مباشرة.
حاولت تبعد، بس هو ما سبهاش... بل بالعكس، فتح شفايفها بلسانه، وابتدى يغزوها بتهور.
هو صحيح جوزها على الورق، بس وجودها مع حد تاني خلاه يولّع من جواه... مش ممكن يسكت على كده.
القبلة كانت فيها غضب، فيها انتقام... فيها حاجة مكنونة جوه صدره بقالها كتير.
بس
سيلا؟ ما كانتش من النوع اللي يسيب السيطرة بسهولة... وفعلاً، بدأت ترد بنفس القوة.
اتحولت القبلة لصراع... شدّ، وضغط، وتنافس على مين يسيطر.
الغرفة كانت في ضلمة تامة... والكل مش شايف حاجة.
وأول ما القبلة سخنت، سيلا عضّت شفايفه بقوة.
صرخ بألم، وبعد لحظة، النور رجع فجأة.
والمشهد؟ عثمان وسيلا في حضن بعض، واضح قدام الكل.
اركان قال بدهشة:
– "عثمان... هو انت لسه... حضنها كده لحد دلوقتي؟!"
✨️✨️✨️✨️✨️✨️✨️✨️✨️
استمتعوا بالفصل ❤️❤️❤️

تعليقات
إرسال تعليق